زملاء أخي دفعوه للانتحار لأنهم يلهون

المساهمات : 2711 تاريخ التسجيل : 19/08/2007

زملاء أخي دفعوه للانتحار لأنهم يلهون

سيدتي..
لو يعلم الأطفال والصبية أن سخريتهم من زملائهم قد تقضى على حياتهم لما كانوا بهذه القسوة. لقد انتحر أخي منذ ثلاثة أشهر. كان في الثالثة عشرة من عمره. ولى أخ أكبر منه وآخر أصغر منه وأنا الأخت الكبرى. كنا جميعا نرى الأسباب التي أدت به إلى الانتحار ولكن أحدا منا لم يفعل شيئا ليغيرها، أو حتى يقلل من تأثيرها عليه. فأخي منذ صغره مختلف عن بقية الأطفال. فهو شديد الهدوء دمث، يبتسم في وجه الكل، حتى من يسئ إليه. ولكنه لا يشترك في أي من الأنشطة التي يسعد بها أقرانه كلعب الكرة مثلا، كما أنه كان ينأى بنفسه دوما عن أية شقاوة، لأنها تقابل باستهجان الكبار. وربما كانت كل تلك الأسباب وراء تحزب زملائه في الفصل ضده. فكانوا دائما ما يسخرون منه ويرمونه بأقذع الألفاظ، خاصة مع بدانته الشديدة والنظارة التي كان عليه أن يلبسها منذ الصف الثاني الابتدائي. ولم يكن أخي يرد على تلك الإهانات و كان يكتفي بالبكاء عندما يعود للمنزل، ويشكو لأبى وأمي. فكانا أحيانا يعنفانه لأنه لم يرد عليهم، وفى أحيان قليلة يشتكون لإدارة المدرسة التي لم تكن تفعل شيئا يذكر. فقد كانت ملاحقتهم لأخي بالسخرية مستمرة بل وأحيانا ما كانت تزداد علي أثر الشكوى لإدارة المدرسة. كلنا كنا سلبيون تجاه ما يحدث له، بل وأحيانا ما كان بعض الأهل يتهكمون عليه أيضا لبدانته أو نظارته أو طيبته الزائدة. وقبل انتحاره بيومين كان شديد الانعزال، وذكر ذات صباح أنه يتمنى أن يموت حتى يتخلص من تلك الإهانات المستمرة. ولم يأبه أحد بهذه الكلمات. ثم صحونا في أحد الأيام على صوت شئ ثقيل يسقط على الأرض، فخرجنا لشرفة المنزل لنجد أخي جثة هامدة على الأرض. لقد وضع حدا لمأساته بيده لأن أحدا منا لم يمد له يد المساعدة الحقيقية.
لا أعتقد أنني سأنساه أو أغفر لنفسي في يوم من الأيام أنني لم أقف بجانبه بأية صورة، ولن أغفرها أيضا للآخرين. لقد أصبحت أكره كل زملائه في الفصل.. لقد قتلوه لمجرد أن يلهوا بعض الوقت.
أرجوكم أيها الكبار .. امنعونا من أن نسخر من بعضنا البعض.

يسرا ـ بيروت
صديقتي..
معك كل الحق، فلو يعلم الأطفال والصبية نتيجة تهكمهم على زملائهم، ومدى الأذى النفسي الذي يصيبهم و قد يدفعهم إلى الانتحار كما حدث لأخيك رحمه الله لما كانوا بمثل هذه القسوة. ولكن الأمر الأكيد أن المدرسة والبيت والإعلام يتحملون المسئولية الأكبر في هذا. المدرسة بغياب المتابعة لسلوك التلاميذ والتوجيه.. والبيت بإهمال ملاحظة الأطفال ونفسيتهم عن قرب، والإعلام بترويج أفلام العنف والنماذج السيئة في المجتمع.
ولكنى أوجه رسالة للآباء والأمهات.. أرجوكم لا تستخفوا بما يقوله الأبناء.. فكثير مما يقولونه وتحسبونه هينا يكون في حقيقته عظيما.. عظيم الخطر .. وربما يدمر فلذات أكبادكم.
الأبناء نبتة رعايتها دائما حتى تستطيع أن تقف وحدها في الحياة.و لو لم تطيقوا رعايتها فلم غرزتموها من الأصل.